عبد الرحمن الابنودى
اولا
جوابات حراجى القط
مقدمة
ربما تُعد قصيدة «جواباتحراجي القط»
من أشهر قصائد شاعر العامية المصري عبد الرحمن الأبنودي المولودفي عام 1938م
في أبنود إحدى قرى محافظة قنا فيالصعيد المصري، هذا إضافة إلى أعمال شعرية أخرى مثل «وجوه على الشط»
و «الموت علىالإسفلت» وغيرها من الأعمال الخالدة، وربما كان جمعه للسيرة الهلالية من أشهرالإنجازات التي قام بها في محاولة لتخليد هذه السيرة وأشعارها التي جمعها من شعراءالصعيد بُجهد لا يُمكن إغفاله.
قصيدة «جواب حراجي القط» التي ظهرت للنور لأول مرة في نهاية الستينيات وتحديداً فيالعام 1969م
أخذت صدى واسعاً بين العامة؛ لاسيما عندما أذيعت بعض الرسائل عبرإذاعة الشرق الأوسط
واحتوت القصيدة على عدد من الشخصيات المحورية والأساسية؛ كانمن أهمها:
• حراجي القط: بطل القصة، وهو فلاح ريفي بسيط انتقل من قريته في جبلاية الفار،
إلىأسوان للعمل ضمن الآلاف الذين تم جلبهم للمساعدة في أعمال بناء السد العالي.
فاطمة أحمد عبد الغفار: زوجة حراجي القط، وهي سيدة ريفية بسيطة،
ولكنها تحمل–رغم بساطتها وسذاجتها في أحيان كثيرة- عقلاً ووعياً مستنيراً،
ودافعاً قوياًللحياة وفهمها.• طلعت أفندي: أحد المهندسين المشرقين على بناء السد العالي،
وهي الشخصية التيساعدت كثيراً في نقل الوعي التقدمي والتنويري لحراجي القط، كما ساعدت في توسيعمداركه.
اتسمت شخصية طلعت أفندي بالبساطة والتواضع والعمق المُبسّط الذي ساعدحراجي القط على الفهم والاستبصار.
الحاج حسين العكرش:
مقاول “أنفار”، يذهب إلى القرى الريفية ليجلب منها العمّال،ويتقاضى مبلغاً من المال مقابل كل عامل يجلبه،
وهو الذي طرح فكرة العمل في أسوانلحراجي القط للمرة الأولى. ورُسمت هذه الشخصية بطريقة تجعلك لا ترتاح إليه علىالإطلاق.
بالإضافة إلى بعض الشخصيات الثانوية؛ مثل:
• الملوي : أحد رفاق حراجي القط، وأحد العمّال في السد العالي.
• علي أب عباس: أيضاً أحد رفاقه العاملين في السد العالي.
• مرزوق البسطاوي: عامل البريد الذي كان همزة الوصل بين حراجي القط وزوجته.
• الشيخ قرشي: شيخ الكُتّاب الذي كان يُشرف على تدريس “عيد” ولد حراجي.
جاءت القصيدة كقصة ملحمية متضمنة في خمس عشرة رسالة متبادلة بين حراجي القط
وزوجتهالريفية فاطمة أحمد عبد الغفار،
يحكي لها فيها عن مشاهداته وانطباعاته عن أسوان،
وكيف أن العمل في بناء السد العالي كان سبباً في انفتاح بصيرته على عوالم كانتمجهولة بالنسبة إليه،
وحرص هذه الزوجة الريفية البسيطة على معرفة المزيد عن هذهالعوالم عبر تساؤلاتها الساذجة في ظاهرها،
والعميقة في مضمونها.
أظهرت القصيدة الكثير من الملامح المخفية عن حياة الريف المصري في أوجههاالمختلفة،
ونقلتها في قالب شعري سهل وممتع جداً،
وناقشت القصيدة العديد من الأمورالهامة والمسكوت عنها في المجتمع الريفي؛ مثل: قضية عمل المرأة،
وتنميطها في قوالبعتيدة ناشئة في الأصل عن نظرة الرجل الدونية لها،
وارتباط المرأة بالرجل فيمايتعلق بالعيش وكسب الرزق،
وربما تظهر هذه اللمحة الاجتماعية للعيان فيما جاء على لسان فاطمة أحمد عبد الغفار من احتجاجها على وضع المرأة في الريف، واستحواذ الرجلعلى حق العمل؛
لاسيما في التجارة، وربما لم يغب عن ذهن الشاعر المبدع سذاجةالتدليل على هذا القول رغم عمقه ومنطقيته:
{في حاجة تانية يا حراجي
إشمعنا الشغل تملّي للرجال
أمّال الناس كانت راح تعمل كيف
لو ربنا بس خلقها كلّها نسوان؟}
كما تقول في ذات الإطار:
{طول عمر المرة منينا يا ود خالي
ما سبوها تعمل حاجة في البيت
إلا إن كانت الشغلة قدام الفرن
وحط الطاجن ع الكوانين}
وكذلك في قولها:
{واحدة عفيّة زيي يخلوها للشيل والحط
مش ملي الجرّة والكنس}
وهي إذ تطرح قضية مثل قضية عمل المرأة في التجارة في المجتمعات الريفية،
فهيمستبصرة بخطورة ما تدعو إليه، ويظهر ذلك جلياً في قولها:
{والنبي لو قلت كلام دي للجبلاية
لترد في وشي بيبانها
والنبي والرجالة ما تخليني أقعد مع نسوانها}
ورغم البساطة التي تتناول بها فاطمة أحمد عبد الغفار هذه الجزئية؛ فإنها تندفعللقضية بفهم ووعي تقدمي مستنير وثوري، يهدف –ليس فقط- لجعل القضية شخصية تخصهافقط؛ بل تعرض القضية باعتبارها قضية عامة موجهة للمرأة، داعية إياها للثورة علىهذا الوضع؛ فتقول:
{وفاطنة ما تبقاش فاطنة بت أحمد
لو ما الجبلاية تعمل نسوانها زيّها يا حراجي}
ويظهر إبداع الشاعر المصري العبقري «عبد الرحمن الأبنودي»
في إيصال الأفكارالتقدمية والعميقة عبر لغة ريفية سهلة وساذجة في كثير من الأحيان،
كما في قولفاطنة أحمد عبد الغفار وهي تسوّغ لمبررات الرفض المحتملة لعملها في التجارة:
{تتباع ملوخيتها في السوق يوم السوق
أيوه …
حطلع أبيعها في السوق
ما أطلعش ليه السوق؟
وهو أنا رايحة فين؟
رايحة أبيع عرقي، وأجيب حقو
ما فيهاش حاجة}
وكذلك في قولها:
{هي أصحاب الشغل دي، مش ليها الشغل وبس؟
مالها إذا كنتَ أنا راجلة ولا مرة
أهو واحدة ضمن الأُجرا
أشتغل اليوم وأقبض أجرة
(…)
والواحدة منينا مدام متحشمة
وعنيها مش طايرة
مش تبقى خلاص راجل؟}
كما أظهر لنا النص كيف أن المرأة الريفية تتمتع بذكاء فطري، وحرصها على القيامبواجباتها تجاه زوجها،
وتجاه أهله كذلك، وربما كان موقفها من ولادة أخت زوجها“نظلة” أكبر دليل على ذلك،
ورغبتها في رد جميلها بالوقوف إلى جوارها ومدّها بمئونةالبيت واحتياجاته من قمح وسمن خلال مدة النفاس،
وعلى العموم؛ فإن القصيدة تُعبّربوضوح عن تماسك القرى والمجتمعات الريفية،
وسيادة روح التكافل التي تتفرّد بها عنمجتمعات الحضر والمدن.
ولكن في خضم هذه المعاني التي جاءت معبّرة عن الجوانب العاطفية الجيّاشة
والتييحملها كل من حراجي وفاطنة أحمد عبد الغفار عبر رسائلهما؛
ورغم أن ظاهر هذهالرسالة هو الاحتفاء بقصة بناء السد،
وإعادة الحق للعمّال الذين تم إهمال ذكرهم فيكل الملحمات التي ذكرت هذا المشروع القومي الكبير
كما يقول الشاعر:
{في الراديو يا فاطنة يقولوا:
بنينا السد .. بنينا السد
لكن ما حدّش قال:
السد بناه مين
بنوه كيف
نايمين ولا قاعدين}
واعتبرت القصيدة بمثابة عرفان بفضل هؤلاء العمّال المنسيين،
والذين كانوا يُعانونمن التهميش حتى قبل الانتهاء من بناء السد أو بعده، تلك الحقيقة التي عبّر عنها الخال الابنودى فى هذا الديوان وفى بعض اشعاره واغانيه فهيا بنا نستمتع به معا .
جوابات الأسطي حراجي القط
العامل في السد العالي إلي زوجتة فاطمه أحمد عبدالغفار
ــــــــــــــــــــــــ
الجواب الاول
ــــــــ
الجوهره المصونة والدرةالمكنونة زوجتنا فاطمة احمد عبد الغفار
يوصل ويسلم ليها في منزلناالكاين في جبلاية الفار
اما بعد
لا إذا كنت هاودت كسوفي عليالتأخير والله ماكنت هخط بإيدي حرف
سامحيني يافاطمه في طولةالغيبه عليكم....وانا خجلان خجلان
وأقولك يازوجتنا انا خجلانمنكم من هنا للصبح
شهرين دلوقت من يوم ماعنيكي يا فاطنه...بلت شباك القطر
لسوعتي بدمعك ضهر يدي
لحظتها قلت لك قبل ماهوصلهتلاقي جوابي جي
نهنهتي وقولتي لي بعتاب
والنبي عارفاك كداب نسايوهتنسي اول ماهتنزل ف أسوان
ما عرفت ساعتها يا مراتيأضحك ولا أبكي
ما عرفت ساعتها أعوز القطريقف ولا يولي
حسيت بعنيكي يا فاطنهبتقولي وتسكت وتقولي
حسيت و اليد بتخطفها يدالجدعان
والبت عزيزة والواد عيد(قناديل في الجوف)
زي ما بتضوي بتقيد
والقطر أتحرك وقليبي بيتنقلمن يد لإيد
اتدلدلت بوسطي من الشباك: خدي بالك م الولدراعي عزيزة وعيد
والقطر صرخ ورمح وكأنة داسعلي بصة نار
ولقطت الحس قريب قد ما كنتبعيد
(قلبي معاك)يا حراجي هناك ف أسوان
ورميت نفسي وسط الجدعانوبكيت
وبلدنا اللي كنا بنمشيها فينص نهار كان القطر في لحظه فاتها بمشوار
سامحيني يا فاطمه عليالتأخير
ولو الورقه يا بت الخالتكفي
لأعبيلك بحر النيل والله بكفي
كلام
وختاما ليس ختام ببعت لكليكي ولناس الجبلاية والبت عزيزة والواد عيد
ألف سلام
زوجك الاسطي حراجي
ملحوظة :اكتبي ع المظروف
أسوان
زوجي الغالي/الأسطي حراجيالقط العامل في السد العالي
الجواب الاول بصوت الابنودي